بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ
مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
سورة الجمعة 9
تعالوا نتعلم الخير
الذى قال الله عنه
كدرس لتجار العالم
سبحان الله ان تأتى تلك الشخصية
دون ترتيب بيوم الجمعة
بيوم والمدينة المنورة ساكنة هادئة
يقترب من مشارفها صوت هائل يرجها
يتعالى ويثير تراب يغطي الأفق
وتدفع الريح بالغبارالمتصاعد
من رمال الصحراء الناعمة
لتقترب من أبواب المدينة
وتهب الرمال على بيوتها
وحسبها الناس عاصفة بالرمال
لكن سمعوا وراء ستار الغبار ضجة
كانت قافلة كبيرة ظهرت لهم
بسبعمائة راحلة مزودة بالأحمال
تزحم شوارع المدينة وترجها رجا
نادى الناس بعضهم البعض
ليروا مشهدها الرائع
ويستبشروا فرحاً بما تحمله
من خيرورزق
وسألوا أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها
والتى سمعت مثلهم القافلة الزاحفة
سألوها ما الذي يحدث في المدينة
وظهر الخبر لهم
قافلة لعبد الرحمن بن عوف
جاءت من الشام تحمل تجارة له
قالت أم المؤمنين
قافلة تحدث كل هذه الرجة
أجل يا ام المؤمنين
انها سبعمائة راحلة
وهزت أم المؤمنين رأسها
وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا
كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته
أوحديث سمعته
وقالت
أما اني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول
رأيت عبدالرحمن بن عوف
يدخل الجنة حبوا
عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة
حبوا
ولماذا لا يدخلها وثبا
سنعرف لا تستعجلون
او هرولة مع السابقين
من أصحاب رسول الله
ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه
فتذكر أنه سمع من النبي
صلى الله عليه وسلم
هذا الحديث أكثر من مرة
وبأكثر من صيغة
اطمئنوا جيرانى وستعرفون
ولا تستعجلون
وقبل أن تنزل الأحمال من تجارته
اسرع يمشى الى بيت عائشة
وقال لها
لقد ذكرتيني بحديث لم أنسه
ثم قال
أما اني أشهدك
أن هذه القافلة بأحمالهاوأقتابها وأحلاسها
في سبيل الله عز وجل
ووزعت حمولة سبعمائة راحلة
على أهل المدينة ومن حولها
في مهرجان برعظيم
هذه الواقعة تمثل الصورة الكاملة
لحياة صاحب رسول الله
عبدالرحمن بن عوف
المبشر الثامن بالجنة
فهو التاجر الناجح
أكثر ما يكون هو النجاح وأوفاه
وهو الثري بأكثر ما يكون الثراء وفرة
فهو مؤمن يرفض
ان يذهب حظه من الدين
ويرفض أن يدفعه ثراؤه
عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة
فهو رضي الله عنه
يجود بثروته في سخاء وفرحه
آيا تجار العالم الاغنياء
اين انتم من المجاعات والاطفال
الذين يموتون جوعا للقمة الخبز
اين انتم من فلسطين وغزة
من نساء مؤمنات
لا يملكن اقواتهن
افيقوا افاقكم الله
تعالوا سويا نتعرف
متى وكيف
دخل عبد الرحمن بن عوف الاسلام
أسلم في وقت مبكر جدا
في الساعات الأولى للدعوة
وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم
ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين
كان أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام
حين عرض عليه أبو بكر الاسلام
هو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام
وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص
فما صعب عليهم الأمر
ولا شكوا بالرسول
بل سارعوا مع الصديق
الى رسول الله يبايعونه ويحملون لواءه
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه
في الخامسة والسبعين من عمره
وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم
مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم
يضعه مع العشرة الذين بشرهم بالجنة
وجعل عمر رضي الله عنه
يضعه مع أصحاب الشورى الستة
الذين جعل الخلافة فيهم من بعده
قائلا لقد توفي رسول الله
وهو عنهم راض
وفور اسلام عبدالرحمن بن عوف
حمل حظه المناسب
من اضطهاد قريش وتحدياتها
وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه بالهجرة الى الحبشة
هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة
ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية
ثم هاجر الى المدينة
وشهد بدرا وأحدا والمشاهدكلها
وكان موفقا في التجارة
الى حدأثار عجبه ودهشه
فقال
لقد رأيتني لو رفعت حجرا
لوجدت تحته فضةوذهبا
ولم تكن التجارة
عند عبدالرحمن بن عوف
رضي الله عنه
احتكارا
او حرصا على جمع المال حباًللثراء
لاانما كانت عملا فى سبيل الله
وواجبا يزيده النجاح قربا من النفس
ومزيدا من السعي
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جياشة
وجد راحته بالعمل الشريف
ان لم يكن بالمسجد يصلي
ولا في الغزو يجاهد
كان في تجارته التي نمت نموا هائلا
حتى أخذت قوافله تفد على المدينة
من مصر ومن الشام
كان الرسول يؤاخي
بين كل اثنين من أصحابه
أحدهما مهاجر من مكة
والآخرأنصاري بالمدينة
كانت المؤاخات تتم بنسق يبهر الألباب
فالأنصاري من أهل المدينة
يقاسم أخاه المهاجر
كل ما يملك حتى فراشه
فاذا كان متزوج باثنين
طلق احداهما ليتزوجها أخوه
وكان الآخاء
بين عبد الرحمن بن عوف
وسعد بن الربيع
ولنصغ للصحابي الجليل
أنس بن مالك رضي الله عنه
يروي لنا ما حدث
قال سعد لعبد الرحمن
أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا
فانظر نصف مالي فخذه
وتحتي امرأتان
فانظر أيتهما أعجب لك
حتى أطلقها وتتزوجها
فقال له
عبدالرحمن بن عوف
بارك الله لك في أهلك ومالك
دلوني على السوق
وخرج الى السوق
فاشترى .. وباع.. وربح
وهكذا سارت حياته في المدينة
على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته
أداء كامل لحق الدين وعمل الدنيا
وتجارة رابحة ناجحة
لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا
من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة
تحريه الحلال ونأيه الشديد
عن الحرام بل عن الشبهات
اعرف انكم مشتاقين
اتعرفوا ايدخل الجنة حبوا ام ماذا