السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأما عن بروتوكولات حكماء صهيون فحدث ولا حرج ,وعن سذاجتها وهشاشتها النصوصية والتي تدل على تزويرها وتلفيقها:
بروتوكولات حكماء صهيون :
البروتوكولاتهي حلقة من سلسلة الأفلام الخيالية والحيل السينمائية التي نسمعها ونرىأثرها في حياتنا,والتي نُسجت حولها قلاع من الوهم وكتل من الخيال.
قبلأن أدخل في صلب الموضوع أريد أن أنبه إلى ما سبق وذكرته في مسألةالماسونية والصهيونية,من حيث قوة اليهود وسطوتهم على العالم وتحكمهم فيقدر البشرية,وأن نتذكر المنظار قرآني إليهم وقول الله القطعي فيهم وضربالذل والمسكنة عليهم إلى يوم القيامة, وكذلك المنظار السياسي من حيثالموقف الدولي والدولة الأولى في العالم,وأمر أخر يجب التنبه إليه فيمسألة البروتوكولات ألا وهي علم الغيب,وهو علم اختص الله به ذاته ولم يطلععليه أحد من إنس أو جن أو ملك, والبروتوكولات ما هي إلا ضرب في الغيب,فالخطة والتخطيط لما سوف يحدث في المستقبل هي من علم الله بالغيب,ولاسلطان لأحد من خلقه عليه,وحتى الإنسان العادي يجعل الخطط ويرسم مسارًالأعماله ,فتحصل أحداث تجبره على تغيير خططه وتبديل مساره, فما بالكم فيرسم الخطط وتحديد المسار للبشرية جمعاء؟.فهذا من البله وقلة الحيلةوالإستسلام لقدر وضعه أناس من جلدتهم.
كيف ظهرت البروتوكولات ؟
قيلأن هذه البروتوكولات ظهرت أول مرة على يد كاهن روسي اسمه سرجي نيلوسوترجمها إلى الروسية ونشرها بطبعة محدودة في عام 1902,ثم أعاد هذا الكاهنطباعة الكتاب تحت اسم"بروتوكولات حكماء صهيون مع مقدمة وتعقيب في عام1905,وطُبع مرة أخرى في عام 1911 وبعدها في عامم 1917
وفي نفس العام_أي 1917_ تمت ترجمت طبعة 1905 إلى الإنكليزية على يد مراسل صحفي بريطاني اسمه مارسدون.
وقيل إن ظهور الكتاب في عام 1902أدى إلى المذابح الروسية ضد اليهود في عام 1902.
وهكذا استفحل أمر الكتاب وما يحويه من وثائق "سرية".
وأمافي المكتبة العربية فيبدو أنها ظهرت أول مرة في عام 1951 تحت اسم"الخطرالصهيوني:بروتوكولات حكماء صهيون" ترجمة محمد خليفة التونسي ,وهي عبارة عنأربعة وعشرين بروتوكولاً .
معنى البروتوكول:Protocol هي لفظةانكليزية ولها عدة معانٍ منها:وثيقة أو أوراق رسمية تُخط فيها نتائجالاجتماعات والمؤتمرات,أو وثيقة دبلوماسية لها نفس قيمة الإتفاق,أو صيغةرسمية للأوراق الثبوتية,أو مجموعة الصيغ والأعمال التي تطبق في اللقاءاتالرسمية الدبلوماسية,وكذلك تعني في الفرنسية واللغات اللاتينية الأخرى.
وأقربالمعاني لقصد البروتوكولات هو المعنى الأول"وثائق رسمية تُسجل فيها نتائجالاجتماعات والمؤتمرات", وقد قيلت في أصولها أقوال كثيرة منها أنها كُتبتفي عام 1897 أي في نفس العام الذي عُقد فيه المؤتمر الصهيوني الأول برئاسةهرتزل,بل ويذهب آخرون إلى أبعد من هذا حيث يؤكدون أن المؤتمرات الصهيونيةما هي إلا مؤتمرات حكماء صهيون,وأن هرتزل كان يتلوها في مؤتمراته ومنخَلفه في زعامة الصهيونية.
وقد روّج لها كثير من العرب والغرب رغم أنأصلها تحوم حوله الشبهات وتحيط بها الشكوك من كل جانب,والرأي الصحيح فيهاأنها وثائق مزورة ملفقة وذلك لعدة أسباب:
1.عدم معرفةاللغة التي كُتبتبها أول مرة,فحسب ما شاع أن الكاهن الروسي نيلوس هو الذي ترجمها إلىالروسية,فهذا يعني أنها كانت بلغة غير الروسية,فما هي هذه اللغة؟,ولو قلناأنها باللغة الروسية فهذا يدل على أن الحكماء كانوا أغبياء وجهلاء لأنهمكتبوا ما يحيكونه في الظلام بلغة يفهمها القوم,بدل أن يكتبونها بلغة لايعرفها إلا هم كالأرامية فهي لغة لا بد وأن يتعلمها الحاخامات,أوالإيديشية أو حتى العبرية.
2.غموض الكيفية التي حصل الكاهن الروسي علىالنسخة الأصلية ذات اللغة المبهمة التي كُتبت بها,فهو قال أنه حصل عليهامن صديق "لم يذكر اسمه",وصديقه هذا وصلت إليه عن طريق سيدة فرنسية"مدامك."_وهي نكرة أيضًا_ ادّعت أنها سرقتها من أحد أقطاب الماسونية_والذي لميُذكر اسمه أيضًا_,وهنا نرى الربط بينها وبين الماسونية,رغم أن بعضالبروتوكولات هاجمت الماسونية وتوعدت أصحابها إما بالموت أو العيش في خوفوذل وهوان.
3.احتدام النبرة الروسية الموالية للحكم القيصري فيروسيا,وإظهار أن الماسونية وراء الثورة الفرنسية والفكرية وصاحبة أفكارالتحرر وأطلاق الحريات وخاصة السياسية,وهذا كله كي ينفّر الروس من الحركاتالثورية ضد القيصر وخاصة الشيوعية التي نشبت في ذلك الوقت لتأكل الحكمالقيصري وتنهي سطوته.
4.عدم ظهور تواقيع الحكماء الصهيونيين أواسمائهم,فالملاحظ أن كل بروتوكول كان يختم بعبارة عامضة طفولية وهي" وقعهممثلو حكماء صهيون من الدرجة الثالثة والثلاثين",وهنا نلاحظ أيضًا التخبيصحيث جعل لحكماء صهيون درجات مثل ما قيل في درجات الماسونية,وبالمقارنة معالماسونية والصهيونية التي ظهرت اسماء مؤسسيها ومعرفة أحوالهم وعلانيةاجتماعاتهم يتضح لنا أن المسألة مقصودة من أجل التمويه وطمس الحقيقة.
5.والأهمفي بيان زيف وتلفيق هذه البروتوكولات ما قامت به بعض الأوساط العلميةبدراسة علمي قائمة على تحليل نصوصها آدبيًا وسياسيًا واجتماعيًا,فخرجتالنتائج بهذه الصورة:
*أنها وثائق مزورة,استفاد كاتبها من كتيب فرنسكتبه محامي فرنسي يدعى موريس جولي 1829 – 1878,يسخر فيه من نابليون الثالثوينقده نقدًا لاذعًا على طموحاته السياسية العالمية,والكتاب نُشر تحتعنوان"حوار في جهنم بين ماكيافيللي ومونتيسكيو" او "السياسة في القرنالتاسع عشر",وطبع في بروكسل علم 1864,ولم يطبعه في فرنسا لأن القانونالفرنسي كان يعاقب من ينقد العائلة المالكة.
وقد وقع هذا الكتيب في عام1868 تحت يد كاتب ألماني اسمه هرمان جويديش فأعاد صياغة الحوار في قصةاسطورية عن المؤامرة اليهودية,وصدرت كسلسلة روايات تحتعنوان"بياريتز"Biarritz.وذكر هذا الكاتب في فصل من سلسلته بعنوان"المقبرةاليهودية في براغ ومجلس ممثلي أسباط إسرائيل الإثنى عشر" أن الحاخاماتيعقدون كل مائة عام مؤتمرًا لدراسة ما سبق من أحداث وتخطيط الأحداثالمقبلة لمائة عام جديدة.وتُرجمت هذه السلسة إلى الروسية في عام1872,وظهرت في عام 1891 طبعة موجزة عنها تحت عنوان"خطبة الحاخام".
وهكذا نرى التدرج الذي سلكه الكتاب من حوار إلى خطبة ثم إلى بروتوكولات.
وقدكشفت الصحيفة اللندنية التايمز في أعدادها الثلاث المتتالية "16,17,18" منشهر آب عام 1921 أوجه الشبه بين الكتيب"الحوار" وكتاب "بروتوكولات حكماءصهيون", وخرجوا بنتائج تجزم بتزييف الكتاب,فقد وجدوا أن البروتوكولات من1-19 انتهجت نفس الترتيب والنظام الذي اتبعه صاحب كتاب"جوار فيالجحيم",وأن البروتوكولات من 1-17 مقتبسة في بعض مواضعها, وهذا الإقتباسيبدو لكل قارئ ولو لم يكن عالمًا بفن النصوص,ومن هذه النتائج:
"حوار في الجحيم":
1.إنغرائز الإنسان الشريرة أقوى من دوافعه الخيّرة.فالإنسان يتجه نحو الشرأكثر من اتجاهه نحو الخير,وهو لايحكّم عقله لأن الخوف والقوة يتحكمان فيهبمقدار أكبر.وكل إنسان يسعى نحو الهيمنة,ولا يوجد شخص لا يريد أن يضطهدغيره لو كان ذلك بوسعه,وجميع البشر(جميعهم تقريبًا) على استعداد للتضحيةبحقوق الآخرين خدمة لمصالحهم.
"البروتوكولات":
1.إن ذوي الطبائعالفاسده من الناس اكثر عددا ً من ذوي الطبائع النبيله ...وإذن فخيرالنتائج في حكم العالم هو ما يُنتزع بالعنف والإرهاب...كل إنسان يسعى إلىالقوة, وكل واحد يريد أن يصير دكتاتوريًا على أن يكون ذلك فياستطاعته...وما أندر من لا ينزعون إلى إهدار مصالح غيرهم توصلًا إلىأغراضهم الشخصية.
"حوار في الجحيم":
2.ماذا يكبح جماح هذه الحيواناتالمفترسة التي يسمونها بشرًا من أن يهاجم أحدهم الآخر,في المراحل الأولىمن الحياة الإجتماعية أوقفتهم القوة التي لا حد لها.
ثم قام القانونبهذه المهمة.ولكن القانون ما هو إلا القوة بعد أن تم تهذيبها بشكل ما.وإنعدت إلى المصادر التاريخية:فإن القوة تسبق الحق, والحرية السياسية إن هيإلا فكرة نسبية.
"البروتوكولات":
2.ماذا كبح الوحوش المفترسة التينسميها الناس عن الإفتراس؟,وماذا حكمها حتى الآن؟,إن الناس ما هم الا وجوهبشريه خضعت في الطور الأول للقوه ثم خضعوا للقانون وما القانون في الحقيقهالا هذه القوه ذاتها ولكنها مقنعه فحسب ,وهذا يؤدي بنا إلى تقرير أن قانونالطبيعة هو:الحق يكمن في القوة.والحرية السياسية ليست حقيقة,بل فكرة.
"حوار في الجحيم":
3.حينما يتم اضطهاد البؤسائ فإنهم عادة يقولون:"لوأن الملك عرف "...أو "حين سوف يعرف الملك".
"البروتوكولات":
3.لكيتبقى السلطة يجب أن تبلغ منزلتها من الثقة إلى حد أن يستطيع الناس أنيقولوا فيما بين أنفسهم:"لو أن الملك يعرفه فحسب"... "أو حين يعرفه الملك".
"حوار في الجحيم":
4.كيفتتم القروض؟,بإصدار وثيقة ترغم الحكومة على دفع فوائد تتناسب مع الرأسمالالمدفوع,وهكذا إذا كان القرض على 5% فالدولة بعد عشرين سنة سوف تدفع قيمةالمبلغ المساوي للقرض,وأما بعد أربعين سنة, فسوف تدفع ضعف المبلغ , وأمابعد ستين سنة فستكون القيمة المدفوعة ثلاثة أضعاف المبلغ.
"البروتوكولات":
4.القرضعبارة عن وثيقة تصدرها الدولة وبناءً عليها تجبر أن تدفع نسبة مئوية منالمبلغ المدفوع.فلو كانت الفائدة 5% من المبلغ, فهذا يعني أن الحكومة بعدعشرين سنة سوف تدفع مبلغًا يعادل قيمة القرض كي تغطي قيمة الفائدة,وبعدأربعين سنة ستدفع ضعف المبلغ ,وبعد ستين سنة ثلاثة أضعاف.وتبقى الفائدةغير مدفوعة.
"حوار في الجحيم":
5.كما هو إله فشنو,فإن اعلامي له مئات الأذرع,وهذه الأذرع ستمد أيديها لكل الأراء بكل ظلالها في الدولة.
"البروتوكولات":
5.الصحف هي مثل الإله الهندي فشنو لها مئات الأيدي,وكل يد ستجس تقلب نبض الرأي العام.
"حوار في الجحيم":
6.أدرك الآن معنىشكل الإله فشنو.إن لك مائة ذراع مثل المعبود الهندي,وكل إصبعًا من أصابعك تلمس لولبًا.
"البروتوكولات":
6.حكومة اليهود العالميه يجب ان تشبه الإله الهندى ( فشنوا ) وكل يد من أيديها المائه ستقبض على لولب في الجهاز الإجتماعي للدوله.
فواضح جدًا التطابق بين الكتابين وترتيب النصوص فيهما.
ملاحظة:الإله الهندي فشنو حسب الأسطورة الهندية لم تذكر أن له مائة ذراع, بل ستةعلى أكبر صورة ظهر فيها,وعلى هذا فلا يعرف أصل أسطورة فشنو ذي المائة ذراع.